القاهرة (خاص عن مصر)- تمثل زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى واشنطن العاصمة هذا الأسبوع لحظة محورية في العلاقة الطويلة الأمد والمضطربة بين اثنين من أكثر زعماء العالم استقطابًا.
في لقائه مع الرئيس دونالد ترامب لأول مرة منذ تنصيبه، أشاد نتنياهو باللقاء باعتباره “شهادة على قوة التحالف الإسرائيلي الأمريكي” وصداقتهما الشخصية.
يأتي الاجتماع في منعطف حرج، حيث يواجه الزعيمان ضغوطًا هائلة للتعامل مع وقف إطلاق النار الهش في غزة، ومعالجة محنة ستة رهائن أمريكيين تحتجزهم حماس، وتعزيز أجنداتهم السياسية.
علاقة مبنية على المكاسب المتبادلة
وفقا لتحليل صنداي تايمز، لقد تم تحديد علاقة ترامب ونتنياهو من خلال التوافق الاستراتيجي وليس التقارب الشخصي. لقد أسفرت شراكتهما عن انتصارات سياسية كبيرة لإسرائيل، بما في ذلك نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، والاعتراف بمرتفعات الجولان كأرض إسرائيلية، واتفاقات إبراهيم التاريخية، التي طبّعت العلاقات بين إسرائيل والعديد من الدول العربية.
بالنسبة لترامب، عززت هذه الإنجازات أوراق اعتماده في السياسة الخارجية وجعلته محبوبًا لدى المانحين المؤيدين لإسرائيل مثل ميريام أديلسون، التي ساهمت بأكثر من 100 مليون دولار في حملته. بدوره، استغل نتنياهو دعم ترامب لتعزيز مكانته السياسية المحلية، وخاصة خلال الانتخابات التي كانت متقاربة.
ومع ذلك، لم تكن العلاقة خالية من الاحتكاك. فقد انتقد ترامب نتنياهو علنًا لتهنئته لجو بايدن على فوزه في انتخابات عام 2020، واتهم الزعيم الإسرائيلي بعدم الولاء. وصرح ترامب في عام 2021، مستخدمًا لقب نتنياهو، قائلاً: “لقد أحببت بيبي. ما زلت أحب بيبي. لكنني أحب الولاء أيضًا”.
وقف إطلاق النار في غزة وأزمة الرهائن: تحدٍ مشترك
يلوح الصراع الدائر في غزة في الأفق على الاجتماع. الواقع أن وقف إطلاق النار الهش قائم، ولكن نتنياهو يواجه ضغوطا من الجناح اليميني في ائتلافه لاستئناف الأعمال العدائية مع حماس. وفي الوقت نفسه، كُلِّف ترامب بتأمين إطلاق سراح ستة رهائن أميركيين، وهي المهمة التي قد تحدد رئاسته.
وقد أثار خطاب ترامب الصريح بشأن غزة ــ الذي اقترح فيه أن الولايات المتحدة يجب أن “تنظف كل شيء” وحث مصر والأردن على استقبال الفلسطينيين النازحين ــ انتقادات، حيث اتهمته إيران بالدعوة إلى “التطهير العرقي”. ومن ناحية أخرى، ركز نتنياهو على ممارسة الضغوط على إيران للتخلي عن برنامجها النووي، وهو الهدف الذي يتماشى مع استراتيجية ترامب الأوسع في الشرق الأوسط ولكنه يخاطر بتصعيد التوترات في المنطقة.
اقرأ أيضًا: محاصرون بسبب الصراع.. المهاجرون الأفارقة يواجهون الخطر في اليمن
العامل السعودي: صفقة سلام كبرى؟
إن أحد الموضوعات الرئيسية على جدول الأعمال هو إمكانية التوصل إلى صفقة سلام كبرى تشمل المملكة العربية السعودية. وسوف يتطلب مثل هذا الاتفاق معالجة القضية المثيرة للجدال المتمثلة في الدولة الفلسطينية، والتي يعارضها نتنياهو بشدة. لقد أعرب ترامب، صانع الصفقات الدائم، عن اهتمامه بإحياء محادثات السلام، لكن الطريق إلى الأمام لا يزال محفوفًا بالتحديات.
كما تؤكد زيارة نتنياهو على الديناميكيات المتغيرة للعلاقات الأمريكية الإسرائيلية. ففي حين حافظت إدارة بايدن على نهج أكثر حذرًا تجاه الصراع في غزة، أشار ترامب إلى استعداده لاتخاذ خطوات جريئة، وإن كانت مثيرة للجدل، لتحقيق أهدافه.
دبلوماسية نتنياهو المحسوبة
كان نتنياهو سريعًا في التحالف مع الدائرة الداخلية لترامب، بما في ذلك إيلون ماسك، الذي أثارت أفعاله الأخيرة الجدل. عندما واجه ماسك انتقادات لإعطائه ما فسره البعض على أنه تحية نازية في تجمع لترامب، دافع نتنياهو عنه على وسائل التواصل الاجتماعي، واصفًا ماسك بأنه “صديق عظيم لإسرائيل” وأشاد بدعمه لحق إسرائيل في الدفاع عن النفس.
تسلط هذه الخطوة المحسوبة الضوء على قدرة نتنياهو على التنقل في المناظر السياسية المعقدة والحفاظ على التحالفات مع شخصيات رئيسية في فلك ترامب.
اختبار الولاء والاستراتيجية
مع لقاء ترامب ونتنياهو في واشنطن، لا يمكن أن تكون المخاطر أعلى. إن الزعيمين يسعيان إلى ترسيخ إرثهما وتحقيق أهداف دبلوماسية عظيمة، ولكن نجاحهما يتوقف على قدرتهما على التوفيق بين المظالم الشخصية ومواءمة مصالحهما الاستراتيجية.
بالنسبة لترامب، يمثل الاجتماع فرصة لإظهار زعامته على الساحة العالمية وتحقيق الفوز لأجندته “أميركا أولا”. وبالنسبة لنتنياهو، فهو فرصة لتأمين استمرار الدعم الأميركي وسط التحديات المحلية والإقليمية.
نسخ الرابط تم نسخ الرابط
0 تعليق