القاهرة (خاص عن مصر)- وفقا لبلومبرج، عقدت المفوضية الأوروبية، الذراع التنفيذية للاتحاد الأوروبي، مؤخرا اجتماعا مغلقا حثت فيه الدول الأعضاء على تقديم جبهة موحدة، حيث يخشى المسؤولون أن يستغل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الانقسامات داخل الاتحاد الأوروبي، فيعقد صفقات ثنائية منفصلة أو يفرض تعريفات جمركية مستهدفة.
وكان شخصيات رئيسية مثل المستشار الألماني أولاف شولتز، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ورئيسة الوزراء الدنماركية ميت فريدريكسن، يجوبون القارة لمواءمة الاستراتيجيات ضد الاضطرابات المحتملة، ولكن هذه الدفعة الدبلوماسية تأتي في وقت حرج بالنسبة للاتحاد الأوروبي، الذي يكافح بالفعل تباطؤًا اقتصاديًا وفوضى سياسية في أكبر اقتصاداته، ألمانيا وفرنسا.
أوروبا الضعيفة تواجه الولايات المتحدة العدوانية
يجد الاتحاد الأوروبي نفسه في موقف ضعيف. فعلى النقيض من فترة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، عندما كانت الكتلة لها اليد العليا، يتوقع المحللون الآن انقسامات داخلية قد تقوض استجابته.
قالت أليشيا جارسيا هيريرو، زميلة بارزة في مؤسسة بروغل للأبحاث الاقتصادية ومقرها بروكسل: “خلال خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، كانت لأوروبا اليد العليا. ولكن الآن سوف تنقسم أوروبا، بلا شك”.
الإجماع بين صناع السياسات الأوروبيين هو أن جولة جديدة من التعريفات الجمركية الأمريكية أمر لا مفر منه، وعلى النقيض من النزاعات التجارية في عام 2018، من المتوقع أن تتصاعد هذه المواجهة بشكل أكبر، وتستهدف الصناعات الرئيسية من الصلب والسيارات إلى اللوائح الرقمية والسياسات الضريبية.
اقرأ أيضا.. ترامب يتحدث عن حادث تحطم الطائرة.. الولايات المتحدة تواجه ساعة من العذاب
خطط الانتقام في طور التنفيذ
في محاولة لتجنب الأخطاء السابقة، أعد الاتحاد الأوروبي قوائم موسعة بالسلع الأميركية لاستهدافها برسوم جمركية انتقامية إذا ما مضى ترامب قدماً في أجندته التجارية، ووفقاً لمطلعين، فإن هذه الخطط تشمل مجموعة أوسع من المنتجات الأميركية مقارنة بما كانت عليه من قبل.
وقد ألمح ترامب نفسه إلى فرض رسوم جمركية جديدة شاملة، تتجاوز المستويات السابقة بكثير، مع استهداف صناعات الصلب والألومنيوم على الفور.
كانت خطابات إدارة ترامب واضحة لا لبس فيها، ففي حديثه في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس، اتهم ترامب الاتحاد الأوروبي بمعاملة الولايات المتحدة بشكل غير عادل ولم يستبعد اتخاذ تدابير متطرفة، بما في ذلك استخدام القوة لتأكيد المصالح الأميركية.
السعي إلى حلول دبلوماسية وسط تصاعد التوترات
على الرغم من الاستعداد للانتقام الاقتصادي، يسعى الاتحاد الأوروبي أيضاً إلى إيجاد سبل دبلوماسية لنزع فتيل التوترات. وقد انخرط المسؤولون مع شركاء تجاريين متشابهين في التفكير في واشنطن وخارجها، واستكشاف المقايضات المحتملة، مثل زيادة واردات الغاز الطبيعي المسال والأسمدة ومبيعات الأسلحة إلى الولايات المتحدة.
وأكدت أرانشا جونزاليس لايا، عميدة مدرسة باريس للشؤون الدولية في معهد العلوم السياسية، على الحاجة إلى استراتيجية. وأشارت إلى أن “علينا أن نظل متحدين، لأنه بالنظر إلى تكامل الاقتصاد الأوروبي، فإن التعريفات الجمركية على دولة عضو واحدة هي تعريفات جمركية على الاتحاد الأوروبي ككل”.
وأعربت رئيسة المفوضية أورسولا فون دير لاين عن هذا الشعور، حيث صرحت في دافوس، “ستكون أولويتنا الأولى هي المشاركة المبكرة ومناقشة المصالح المشتركة والاستعداد للتفاوض. سنكون عمليين، لكننا سنتمسك دائمًا بمبادئنا”.
عدم الاستقرار السياسي يفاقم الأزمة
إن توقيت هذا النزاع التجاري يشكل تحديًا خاصًا لأوروبا، تتجه ألمانيا إلى انتخابات مبكرة قد تطيح بشولتز، في حين يواجه ماكرون اضطرابات داخلية وهو يكافح لتمرير الميزانية ومواجهة النفوذ المتزايد لزعيمة اليمين المتطرف مارين لوبان، إن هذا الهشاشة السياسية تثير المخاوف بشأن ما إذا كان الاتحاد الأوروبي قادراً على تقديم الموقف القوي والموحد الذي يحتاج إليه لمواجهة سياسات ترامب التجارية العدوانية.
وإضافة إلى الخلاف، استغل رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان انقسامات الاتحاد الأوروبي لتحقيق أجندته الخاصة، حيث اقترح مؤخراً أن المجر قد لا تدعم تجديد العقوبات ضد روسيا، وقد أجبرت مثل هذه التحركات بروكسل على الدخول في مفاوضات في اللحظة الأخيرة للحفاظ على التماسك، مما يسلط الضوء بشكل أكبر على نقاط الضعف الداخلية في الاتحاد الأوروبي.
التكلفة الاقتصادية لحرب ترامب التجارية
ترسم التوقعات الاقتصادية صورة قاتمة إذا تصاعدت التوترات التجارية. وتقدر بلومبرج إيكونوميكس أن فرض تعريفة بنسبة 10٪ على صادرات الاتحاد الأوروبي إلى الولايات المتحدة قد يؤدي إلى انكماش التجارة بنسبة 30٪، في حين أن فرض تعريفة بنسبة 25٪ قد يتسبب في انخفاض مدمر بنسبة 70٪.
من شأن مثل هذه التدابير أن تعرض ما يصل إلى 1.5٪ من الناتج المحلي الإجمالي للاتحاد الأوروبي للخطر، مما يؤدي إلى تفاقم المشاكل الاقتصادية القائمة.
حذر رئيس البنك المركزي الأوروبي السابق ماريو دراجي من “عذاب بطيء” للاتحاد الأوروبي إذا فشل في تعزيز الإنتاجية والاستثمار، ووفقًا لتحليل بلومبرج إيكونوميكس، إذا كان الاتحاد الأوروبي قد حقق نموًا اقتصاديًا مماثلًا للولايات المتحدة على مدار السنوات الخمس والعشرين الماضية، فإن اقتصاده كان ليكون أكبر بمقدار 3 تريليونات يورو (3.3 تريليون دولار) اليوم، مما يحسن الدخول بشكل كبير في جميع أنحاء الكتلة.
نسخ الرابط تم نسخ الرابط
0 تعليق