القاهرة (خاص عن مصر)- يشهد القرن الأفريقي لحظة محورية حيث تتنقل تركيا ومصر عبر مشهد معقد من التوافق الاستراتيجي والتنافس المحتمل.
تسلط التطورات الأخيرة، وخاصة سلسلة من الاتفاقيات والتعاون العسكري، الضوء على التفاعل المعقد بين التعاون والمنافسة بين هاتين الدولتين، ويتناول تقرير، المجلس الأطلسي، الفروق الدقيقة في العلاقات التركية المصرية، ويفحص آثارها على الاستقرار الإقليمي والديناميكيات الجيوسياسية.
التطورات الأخيرة.. تحول في العلاقات
لقد تطورت المصالحة بين تركيا ومصر بشكل كبير على مدار العام الماضي، وتميزت بحدثين حاسمين، ففي فبراير، وقعت الدولتان إعلانًا مشتركًا يهدف إلى تعزيز التعاون عبر مختلف القطاعات، بما في ذلك الدفاع والأمن.
أعقب ذلك اتفاقية دفاع في أغسطس تتعلق بالصومال، حيث قام الرئيس المصري بإضفاء الطابع الرسمي على المساعدة العسكرية للدولة التي مزقتها الحرب، ويشير تقديم الدعم العسكري المصري في الصومال إلى بصمة سياسية وعسكرية متنامية في منطقة مارست فيها تركيا نفوذها لفترة طويلة.
اقرأ أيضا.. الهدنة الهشة في غزة.. ألغام تهدد بنسف وقف إطلاق النار
عصر ما بعد الإسلاموية.. تقييمات عملية تغذي التطبيع
إن ذوبان الجليد في العلاقات التركية المصرية يرجع إلى حد كبير إلى التقييمات العملية التي أجرتها كل من الحكومتين، وهناك عاملان رئيسيان يدفعان هذا التغيير: التحول في السياسة الخارجية البراجماتية التركية والدوافع الاقتصادية لمصر، ففي عهد الرئيس رجب طيب أردوغان، ابتعدت تركيا عن هويتها الإسلامية السابقة، وتبنت موقفاً أكثر قومية، وشمل هذا إعادة معايرة علاقاتها الخارجية، وخاصة مع الدول الغربية، لتعزيز النمو الاقتصادي والاستقرار الداخلي.
ومن منظور مصر، فإن إعادة إحياء العلاقات مع تركيا أمر ضروري لإحياء الاقتصاد، وتنظر البلاد إلى العلاقات التركية باعتبارها حيوية للتجارة، وخاصة في قطاعي الدفاع والزراعة، وركزت المناقشات الأخيرة بين المندوبين المصريين والمسؤولين الأتراك على المشتريات الدفاعية، بما في ذلك التقنيات العسكرية المتقدمة التي يمكن أن تعزز قدرات مصر دون إجهاد العلاقات مع الحلفاء الغربيين.
التحولات الإقليمية.. تأثير العوامل الخارجية
تأثر المشهد الجيوسياسي في منطقة القرن الأفريقي بالتوترات المتصاعدة في المنطقة، لقد استلزم الصراع الأخير بين إسرائيل وحماس الملاحة الحذرة من جانب تركيا ومصر، حيث يوازن البلدان بين المشاعر العامة والعلاقات التاريخية مع إسرائيل، وتعكس دعواتهما المشتركة لوقف إطلاق النار والمساعدات الإنسانية الرغبة في تأكيد النفوذ مع معالجة الضغوط المحلية.
وعلاوة على ذلك، فإن مذكرة التفاهم بين إثيوبيا وأرض الصومال قد زادت من تعقيد الديناميكيات، ويشكل هذا الاتفاق تحديًا مباشرًا للمصالح الاستراتيجية لمصر، وخاصة فيما يتعلق بالوصول إلى البحر الأحمر، في حين يثير أيضًا مخاوف تركيا، التي استثمرت في استقرار الصومال، وتؤكد الدوافع المختلفة وراء دعمهما للصومال على تعقيد علاقتهما.
أجندات متباينة.. تحديات في المستقبل
على الرغم من التقدم الأخير في العلاقات التركية المصرية، لا تزال هناك اختلافات كبيرة، وخاصة فيما يتعلق بليبيا وشرق البحر الأبيض المتوسط، وتشير الزيادة الأخيرة في الوجود العسكري المصري في الصومال إلى تباعد في الاستراتيجيات، مما قد يقوض السرد التعاوني الذي حاولت كل من الدولتين بنائه.
في حين ركزت تركيا على الوساطة وبناء الدولة في الصومال، فإن المبادرات العسكرية المصرية قد تؤدي إلى تصعيد التوترات مع إثيوبيا وتعطيل الاستقرار الإقليمي، إن هذا التحول يثير تساؤلات حول فعالية القوات المصرية في بيئة متقلبة والعواقب المحتملة على الاستثمارات التركية في المنطقة.
نسخ الرابط تم نسخ الرابط
0 تعليق