محمد الضيف من المسرح الى قيادة هيئة أركان كتائب القسام.. وسبع محاولات اغتيال فاشلة - شبكة أطلس سبورت

منوعات 0 تعليق ارسل طباعة
جو 24 :

محمد الضيف، فنان مسرحي وسياسي فلسطيني، أسهم بتأسيس أول فرقة فنية إسلامية في فلسطين تسمى "العائدون"، قبل أن يصبح أحد أهم المطلوبين للتصفية من قبل الاحتلال الإسرائيلي، ثم عين قائدا عاما للجناح العسكري في كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس). وقيل إنه لقب بـ"الضيف" لأنه حل ضيفا على الضفة الغربية، وأسهم في بناء كتائب القسام فيها.

شخصية الضيف محاطة بالغموض، وارتبط اسمه دائما بالحذر والحيطة وسرعة البديهة، ولا يظهر إلا لماما، ولم يظهر منذ محاولة اغتيال فاشلة -من بين محاولات كثيرة- أواخر سبتمبر/أيلول 2002 إلا في تصريحات ترتبط بعمليات عسكرية للمقاومة، آخرها عملية "طوفان الأقصى" فجر السبت 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023. وأعلنت حماس استشهاده في 30 يناير/كانون الثاني 2025.

المولد والنشأة

ولد محمد دياب إبراهيم المصري -وشهرته محمد الضيف- عام 1965 في أسرة فلسطينية لاجئة أجبرت على مغادرة بلدتها "القبيبة" داخل فلسطين المحتلة عام 1948.

واستقرت هذه الأسرة الفقيرة بداية الأمر في أحد مخيمات اللاجئين، قبل أن تقيم في مخيم خان يونس جنوب قطاع غزة.

فقر أسرته المدقع أجبره مبكرا على العمل في مهن عدة، ليساعد والده الذي كان يعمل في محل للغزل، وبعد أن كبر أنشأ مزرعة صغيرة لتربية الدجاج، ثم حصل على رخصة القيادة لتحسين دخله.

الدراسة والتكوين

درس العلوم في الجامعة الإسلامية بغزة، وخلال هذه الفترة برز طالبا نشيطا في العمل الدعوي والطلابي والإغاثي وفي مجال المسرح.

التوجه الفكري

تشبع الضيف خلال فترة دراسته الجامعية بالفكر الإسلامي، فانضم إلى جماعة الإخوان المسلمين، وكان من أبرز ناشطي الكتلة الإسلامية، ثم التحق بحركة حماس وعُدّ من أبرز رجالها الميدانيين.

التجربة السياسية

اعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلية محمد الضيف عام 1989، وقضى 16 شهرا في سجونها، وبقي موقوفا دون محاكمة بتهمة العمل في الجهاز العسكري لحماس.

وتزامن خروجه من السجن مع بداية ظهور كتائب الشهيد عز الدين القسام بشكل بارز على ساحة المقاومة الفلسطينية، وذلك بعد تنفيذها عمليات عدة ضد أهداف إسرائيلية.

انتقل الضيف إلى الضفة الغربية مع عدد من قادة القسام في قطاع غزة، ومكث فيها فترة من الزمن، حيث أشرف على تأسيس فرع لكتائب القسام هناك، وبرز بصفته قائدا للكتائب القسامية بعد اغتيال عماد عقل عام 1993.

أشرف محمد الضيف على عمليات عدة، من بينها أسر الجندي الإسرائيلي نخشون فاكسمان، وبعد اغتيال يحيى عياش (أحد أهم رموز المقاومة) يوم 5 يناير/كانون الثاني 1996 خطط لسلسلة عمليات فدائية انتقاما له نتج عنها وقوع أكثر من خمسين قتيلا إسرائيليا.

وأثناء سجنه كان الضيف قد اتفق مع زكريا الشوربجي وصلاح شحادة على تأسيس حركة منفصلة عن حماس بهدف أسر جنود الاحتلال، فكانت كتائب القسام.

وكان للضيف دور بارز في تطوير أسلحة حماس وتطويرها، مما جعله من الشخصيات الرئيسية في قوائم المطلوبين للاحتلال.

اعتقلته السلطة الفلسطينية في مايو/أيار 2000، لكنه تمكن من الفرار مع بداية انتفاضة الأقصى التي عُدّت محطة نوعية في تطور أداء الجناح العسكري لحماس، كما كشفت هذه المرحلة عن قدرة كبيرة لدى الضيف في التخطيط والتنفيذ أقضّت مضاجع الاحتلال بعمليات نوعية أوقعت عشرات القتلى ومئات الجرحى.

وبعد اغتيال صلاح شحادة وخلافة الضيف له أعد خطة تضمنت تدريب مقاتلين غير استشهاديين، وخطط لنقل المعركة لتكون داخل إسرائيل، ووضعته واشنطن عام 2015 على لوائح الإرهاب.

أحداث حي الشيخ جراح

ردد الشباب الفلسطينيون في المظاهرات التي خرجت في القدس في مايو/أيار 2021 شعار "حط السيف قبال السيف.. إحنا رجال محمد ضيف"، حين سعى الاحتلال الإسرائيلي إلى طرد عائلات فلسطينية من حي الشيخ جراح الملاصق للحرم القدسي وتسليمه لمستوطنين إسرائيليين.

وحذر الضيف في تلك الفترة قائلا "إن لم يتوقف العدوان على أهالي حي الشيخ جراح في القدس المحتلة في الحال فإن كتائب القسام لن تقف مكتوفة الأيدي وسيدفع الاحتلال الثمن غاليا".

وأكد أن قيادة المقاومة الفلسطينية وكتائب القسام تراقبان ما يحدث في القدس عن كثب، قبل أن تتحركا فعليا ردا على استمرار العدوان الإسرائيلي في القدس.

وكانت قوات الاحتلال قد منعت ترديد اسمه في المظاهرات أو رفع المحتجين العلم الفلسطيني.

الإعلان عن "طوفان الأقصى"

صباح السبت 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 أعلن القائد العام لكتائب عز الدين القسام بدء عملية عسكرية ضد إسرائيل باسم "طوفان الأقصى" وإطلاق آلاف الصواريخ باتجاهها.

وقال محمد الضيف في رسالة صوتية إن الضربة الأولى لـ"طوفان الأقصى" استهدفت مواقع ومطارات وتحصينات عسكرية إسرائيلية، وإنه تم إطلاق 5 آلاف صاروخ وقذيفة خلال الدقائق العشرين الأولى من العملية.

وأشار إلى أن عملية "طوفان الأقصى" تأتي في ظل الجرائم الإسرائيلية المتواصلة بحق الشعب الفلسطيني وتنكّر الاحتلال للقوانين الدولية وفي ظل الدعم الأميركي والغربي والصمت الدولي.

وأوضح الضيف أن قيادة القسام "قررت وضع حد لكل جرائم الاحتلال، وانتهى الوقت الذي يعربد فيه دون محاسب"، وفق تعبيره.

ودعا محمد الضيف الشباب الفلسطينيين في الضفة الغربية والقدس وداخل إسرائيل إلى الانتفاض نصرة للأقصى، وقال "اليوم، كل من عنده بندقية فليخرجها فقد آن أوانها".

كما قال الضيف "أدعو إخوتنا في المقاومة بلبنان وإيران واليمن والعراق وسوريا للالتحام مع المقاومة بفلسطين".

محاولات الاغتيال

أهمية الرجل العسكرية جعلته مطلوبا على درجة كبيرة من الأهمية لإسرائيل التي ما فتئت أجهزة مخابراتها تعمل ليلا ونهارا في تعقبه وتتصيد الفرصة للإيقاع به.

وتتهمه إسرائيل -التي سمته "رأس الأفعى" و"ابن الموت"- بالوقوف وراء عدد من العمليات العسكرية الكبرى ضد أهداف إسرائيلية، وحاولت اغتياله في مناسبات عدة.

ونفذت إسرائيل حينها ضربات صاروخية متتالية على منزل في حي الشيخ رضوان بغزة فقد محمد الضيف على إثرها زوجته وابنه الرضيع.

وأمام التعقب الإسرائيلي أصبح الضيف يتعامل بحيطة ويقظة، فلا يستعمل أجهزة الهاتف المحمول ولا الأجهزة التكنولوجية الحديثة، ويحذر في كل تحركاته تماما كحذره في اختيار دائرته القريبة منه القليلة العديد.

ورغم نجاحه في البقاء حيا خلال السنوات الماضية فإن الضيف -المكنى بأبي خالد- كان قريبا من الموت في سبع محاولات اغتيال تعرض لها في الأعوام 2001 و2002 و2003 و2006، و2014، و2021، وآخرها في عام 2023.

وأشهر تلك المحاولات كانت أواخر سبتمبر/أيلول 2002، إذ اعترفت إسرائيل بأنه نجا بأعجوبة عندما قصفت مروحياتها سيارات في حي الشيخ رضوان بغزة، لتتراجع عن تأكيدات سابقة بأن الضيف قتل في الهجوم المذكور.

حاولت المخابرات الإسرائيلية تصفية الضيف مجددا، وبررت فشلها بأنه "هدف يتمتع بقدرة بقاء غير عادية" ويحيط به الغموض، ولديه حرص شديد على الابتعاد عن الأنظار.

ولا يظهر الضيف أبدا على شاشات الإعلام، وكل ما يعرف عنه هو تصريحاته المكتوبة أو المسجلة، مما يجعل نجاح المخابرات الإسرائيلية في تصفيته أمرا صعبا.

وأعلنت حماس بداية أغسطس/آب 2023 استشهاد زوجة الضيف وابنه علي البالغ من العمر 7 أشهر، في غارة إسرائيلية حاولت استهدافه.

وفي الحرب الحالية على قطاع غزة، نشر المتحدث باسم جيش الاحتلال دانيال هاغاري، صورة زعم أنها "جديدة ومحدثة" لمحمد الضيف، يظهر فيها وهو يحمل رزمة من الدولارات الأميركية وكوباً بلاستيكياً من العصير. وقال هاغاري، حينها، إن الجيش عثر على صورة الضيف على جهاز كمبيوتر صودر في غزة. وكانت وسائل إعلام إسرائيلية قد أشارت، في بداية الحرب على غزة، إلى أن الاحتلال الإسرائيلي عثر على عدد من مقاطع الفيديو تعود لمحمد الضيف، تشير إلى أن وضعه الصحي جيد جداً، وأفضل بكثير مما كانت تشير إليه التقديرات الإسرائيلية بعد عدد كبير من الهجمات، وعمليات القصف، ومحاولات الاغتيال التي نفذتها إسرائيل ضده والتي أصيب في بعضها. وأظهرت المقاطع أن الضيف كان يستطيع المشي على قدميه بقواه الذاتية ولا يحتاج إلى كرسي متحرك، كما يبدو أنه قادر على استخدام كلتا يديه.

وقبل الحصول على هذه المقاطع المصورة، كانت التقديرات الإسرائيلية تشير إلى أن محمد الضيف، بسبب الإصابة في إحدى محاولات الاغتيال، كان يحتاج إلى مساعدة من قبل آخرين، وأنه يتنقل في سيارة إسعاف، ويستعين بكرسي متحرك، ويعاني من صعوبات وظيفية كبيرة. وقبل هذه الصور، كان لا يتوافر سوى ثلاث صور للضيف: إحداها وهو في العشرينيات، وأخرى وهو ملثم، والثالثة لظله، وهي التي تم استخدامها عندما تم بث التسجيل الذي أعلن عنه عن عملية "طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول.

الشهادة

في 30 يناير/كانون الثاني 2025 نعى أبو عبيدة المتحدث باسم كتائب القسام قائد هيئة أركان كتائب القسام محمد الضيف. وقال في كلمة مصورة "نزف إلى أبناء شعبنا العظيم استشهاد قائد هيئة أركان كتائب القسام محمد الضيف".

وأعلن أبو عبيدة استشهاد ثلة من المجاهدين الكبار من أعضاء المجلس العسكري للقسام، هم قائد هيئة أركان القسام محمد الضيف، وعدد من القادة أبرزهم مروان عيسى نائب قائد أركان القسام، وقائد ركن الأسلحة والخدمات القتالية غازي أبو طماعة، وقائد ركن القوى البشرية رائد ثابت، وقائد لواء خان يونس رافع سلامة.

(الجزيرة + وكالات)

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق