القاهرة (خاص عن مصر)- يشهد المناخ السياسي في العديد من البلدان الأوروبية، بما في ذلك سلوفاكيا والنمسا وكرواتيا، تحولاً دراماتيكياً، مع تنامي قوة الحركات القومية، مما يلقي بظلال من الشك على استمرار دعمها لأوكرانيا.
وفقا لتقرير نشرته بلومبرج، يوفر هذا التحول، في خضم الحرب الجارية، فرصة ثمينة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين لكسب حلفاء جدد في مرحلة حرجة، وبينما تكافح أوكرانيا للحفاظ على تحالفاتها الغربية، وخاصة مع عودة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى السلطة، فقد يتغير المشهد السياسي في أوروبا بطرق تقوض الوحدة في دعم كييف.
التحول الاستراتيجي في سلوفاكيا
يتجسد تحول سلوفاكيا من مؤيد قوي لأوكرانيا إلى موقف أكثر حياداً في قضية وزير الدفاع السابق ياروسلاف ناد.
ناد، الذي كان أحد أوائل المسؤولين الذين أرسلوا مساعدات عسكرية إلى أوكرانيا، يجد نفسه الآن في مركز التحقيقات الجنائية.
يتهمه منتقدوه بالفساد وإساءة استخدام السلطة وحتى الخيانة، ولكن ناد يصر على أن الاتهامات ذات دوافع سياسية.
ويسلط هذا السيناريو الضوء على تحول أوسع في المشهد السياسي في سلوفاكيا، مع وجود رئيس الوزراء روبرت فيكو على رأس السلطة.
فقد بدأ فيكو، الذي زار موسكو لمناقشة إمدادات الغاز في ديسمبر، في ترديد الروايات الروسية، متماشياً مع فيكتور أوربان رئيس وزراء المجر، وهو منتقد صريح لموقف الاتحاد الأوروبي من أوكرانيا.
ويلقي النفوذ المتزايد للفصائل القومية في سلوفاكيا بظلال من الشك على التزام الأمة في المستقبل بجهود حلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي لدعم أوكرانيا.
اقرأ أيضا.. أقدم اللغات الحية في العالم.. «المصرية» لغة الفراعنة تتصدر القائمة
النفوذ القومي المتزايد في جميع أنحاء أوروبا
إن تحول سلوفاكيا ليس حالة معزولة، إن صعود الحركات القومية في جميع أنحاء أوروبا الوسطى والشرقية يسبب قلقاً عميقاً في بروكسل، على سبيل المثال، تستعد النمسا لانتخاب أول مستشار من أقصى اليمين منذ الحرب العالمية الثانية.
شكك هربرت كيكل، زعيم حزب الحرية اليميني المتطرف، علناً في دعم البلاد للعقوبات ضد روسيا، مستشهداً بتقاليد الحياد النمساوية.
وعلى نحو مماثل، كان الرئيس زوران ميلانوفيتش، الذي أعيد انتخابه في يناير 2025، صريحا في معارضته لتوسع حلف شمال الأطلسي والدعم العسكري لأوكرانيا، حتى في حين أدان العدوان الروسي.
وتشير تصريحات ميلانوفيتش، التي تتوافق مع آراء وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، إلى مسافة متزايدة بين كرواتيا والغرب.
وتواجه رومانيا أيضا مشاعر اليمين المتطرف المتصاعدة، مع اكتساب المرشح الهامشي كالين جورجيسكو زخما في السباق الرئاسي.
وعلى الرغم من أن المحكمة الرومانية ألغت فوزه الانتخابي في ديسمبر، إلا أن نفوذ جورجيسكو أثار مخاوف من المزيد من التفتت داخل الاتحاد الأوروبي، وخاصة مع دعمه الصريح لبوتين وترامب.
وتنتشر الحركة ضد سياسات حلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي، وتكتسب شعبية بين المواطنين المحبطين من ارتفاع أسعار الطاقة، والتي يلقي كثيرون باللوم فيها على الحرب في أوكرانيا.
صراع الاتحاد الأوروبي مع المعارضة الداخلية
إن النفوذ المتزايد للحركات اليمينية المتطرفة والقومية في جميع أنحاء أوروبا له آثار خطيرة على وحدة الاتحاد الأوروبي.
وبحسب المحلل السياسي جابور جيوري، فإن فيكتور أوربان رئيس وزراء المجر، الذي كان ذات يوم القوة الأكثر إزعاجا في الاتحاد الأوروبي، انضم إليه الآن زعماء أوروبيون آخرون يشككون في دعم الكتلة الثابت لأوكرانيا.
وجد هؤلاء الزعماء القوميون جمهورا متقبلا بين المواطنين الذين يعانون من صعوبات اقتصادية، بما في ذلك تكاليف الطاقة المرتفعة.
ومع تزايد قوة هذه القوى السياسية، يواجه الاتحاد الأوروبي تحدي إدارة المعارضة الداخلية، مما قد يؤدي إلى الجمود وتآكل سياسته الخارجية المتماسكة.
الأزمة السياسية في سلوفاكيا
في سلوفاكيا، اتسمت عودة فيكو إلى السلطة في عام 2023 بتوترات متزايدة، وتبعت تصريحاته المثيرة للجدل حول إمكانية خروج سلوفاكيا من الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي اتهامات بتدبير “انقلاب” من قبل المحتجين المناهضين للحكومة.
ويؤدي خطاب فيكو إلى تأجيج أزمة سياسية، مع اندلاع احتجاجات واسعة النطاق ردا على مزاعم الفساد والدعوات إلى مزيد من التحالف مع روسيا.
تعكس الاحتجاجات استياءً أوسع نطاقاً من موقف فيكو المؤيد لروسيا على نحو متزايد، مما يشير إلى تحول من شأنه أن يغير بشكل أساسي مكانة سلوفاكيا داخل كل من الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي.
التحدي الأوروبي الأوسع نطاقاً
إن تآكل الدعم لأوكرانيا داخل أوروبا يتجاوز التحولات السياسية في سلوفاكيا والنمسا وكرواتيا.
كما تشهد دول مثل سلوفينيا وجمهورية التشيك صعود المرشحين المناهضين للمؤسسة الذين قد لا يتحالفون بشكل مباشر مع روسيا ولكنهم يساهمون في الشكوك المتزايدة في السياسات الغربية.
في الوقت نفسه، دعا الرئيس رومين راديف في بلغاريا إلى رفع العقوبات المفروضة على موسكو، ويواصل الرئيس الصربي ألكسندر فوتشيتش، على الرغم من مواجهة الاضطرابات الداخلية، تنمية علاقات وثيقة مع روسيا.
إن التفتت المتزايد للاتحاد الأوروبي يشكل تحديًا خطيرًا لأوكرانيا، التي تعتمد بشكل كبير على الدعم الغربي.
ووفقًا لجريجوري ميسزنيكوف، رئيس معهد الشؤون العامة في براتيسلافا، أصبحت هذه الحركات القومية “حصان طروادة” داخل الاتحاد الأوروبي، وتروج لسياسات مواتية لروسيا والتي قد يكون لها عواقب مدمرة طويلة الأجل على الوحدة الأوروبية.
نسخ الرابط تم نسخ الرابط
أخبار متعلقة :