" حدّثوا فأسنِدوا، كثّروا من المراجع، اهتمّوا بموضوعية التوصّل إلى المعلومة"؛ بهذه النصائح الثمينة لخّص صاحب السّموّ الملكيّ الأمير الحسن بن طلال حفظه الله ورعاه؛ جانبًا من أدبيّات الحوار، مخاطبًا جمهور طلبة جامعة الشرق الأوسط، وأعضاء الهيئتين الأكاديمية والإدارية فيها، وضيوفها إلى حفل إطلاق (مركز حوارات جامعة الشرق الأوسط)، الذي حظي برعايته الكريمة، ودُشّن بأول حوار معه، تحت عنوان: الشباب وإشكالية الحوار: فجوة المعرفة، ومنظومة القيم، وآفاق المستقبل.
" أنت سيّد الحوار، المفكّر المعبر عن صوت الحكمة في عالم غابت عنه الحكمة حين غاب العقل"، بهذه الكلمات خاطب الزميل الإعلامي الدكتور هاني البدري سمو الأمير الحسن، مستأذنًا سموّه أن يجيب في بداية اللقاء عن سؤال المرحلة: إلى أين نحن ذاهبون؟ ليحلّق بنا سموّه في عوالم الفكر الرصين، والرؤية الحصيفة، داعيًا في سبيل مواجهة المُهيمن إلى التمكين بالمعرفة، مع مراعاة أنسنة المعلومات، منبهًا على أن كرامة الإنسان هي الأمن الحقيقي، وأن الأهم جعلها كرامة جامعة، مؤكّدًا أننا في هذه المرحلة بحاجة إلى التضامن والتكامل الجمعيّ أكثر من أي مرحلة سابقة، مشدّدًا على أهمية الوعي المعرفي، وضرورة الاستزادة بالقراءة، والاستعانة بالإعلام المعرفي لغايات إحياء الضمير الوطني، وتوحيد الخطاب، في سياق التصدي بالمقابل لخطاب العنف والكراهية.
استحضر سمو الأمير الحسن في سياق حوار فيّاض بالحكمة، مغمور بالعاطفة، غنيّ بالتجربة، نابض بالحب؛ مقولة الحسين الباني:" الإنسان أغلى ما نملك"، مضيفًا إليها كلمة (المعطاء) وصفًا للإنسان الغالي على وطنه، وقيادته، وأخوته على أرضه، داعيًا إيّاه أن يعرف قيمته، ولا يقلل منها، وأن يعِيَ فكرة أن يقيم الحوار مع الآخرين، وليس ضدّهم أو عليهم، مؤمنًا أن الأخلاق تتحاور، والمعارف تتحاور، وصولا إلى نيل الحق في الحماية، وفي الاحترام، استنادًا إلى قوة الحق، لا حق القوّة.
حوار سمو ولي العهد مع نخبة من الشباب الواعي، وعدد من أعضاء اتحاد البرلمان الطلابي في الجامعة عكس صورة حيّة نابضة من الوعي، احتضنتها جامعة الشرق الأوسط منذ تأسيسها، وعبّرت عنها في رؤيتها، ورسالتها، وأهدافها، وغاياتها، وعكستها في أنشطتها، وفعالياتها، مع التركيز منذ عام تقريبًا على الحوار الجماهيري، في سلسلة حوارات رئيسة كبرى، مع قامات فكرية، ونخب سياسية، بلغت ستة حوارات، في موضوعات مرحليّة مهمة، وقضايا مفصلية، وصولا إلى قرار مهم، بُني على تغذية راجعة، واحتكام إلى الممارسات الفضلى؛ بـتأسيس (مركز حوارات الشرق الأوسط)، وتدشينه بهذا الحوار العميق مع سمو الأمير الحسن، الذي أكد أنه يؤمن بالدور التنويري للجامعات، ودعا إلى إيجاد تكامل بينها وبين المؤسسات الإنمائية، يجسّد معايير الحوكمة الرشيدة، ويثمر عملًا جمعيًّا يحقق التكامل، ويدعم فرص العمل المستقبلي.
وقد حملت كلمات سعادة الدكتور يعقوب ناصر الدين رئيس مجلس أمناء الجامعة أمام سمو الأمير الحسن بن طلال مشاعر فخر واعتزاز، انتقلت إلى منتسبي الجامعة كافة، تباهيًا بصرحنا التعليمي الشامخ، الذي حظي بمباركة سموّه واحدًا من إنجازات عظيمة تسطّر بمِداد من ذهب في أسفار منجزاتها الممتدة منذ تأسيسها؛ الأمر الذي يدفعها إلى المزيد من العطاء، وصولًا إلى أداء دورها المحوري الفاعل، كونها مؤسسة وطنية تعليمية، جادة، وملتزمة، وساعية للتعلّم.
ومن بعدُ، فقد أُذن للقائنا بسمو الأمير الحسن بن طلال أن ينقضي، لكنّ ما كَمَن في سطور هذا اللقاء، بل اختبأ تحت سطوره، من رسائل، وعبر، ومواقف، ومعلومات باقٍ في النفوس لا ينمحي، وهيهات هيهات أن يفارقني شخصيًّا – مثلًا - شعور عظيم انتابني وأنا أستمع إلى سموّه يردد في سياق حواره مع محاوريه قوله تعالى:" يا أيها الإنسان إنّك كادحٌ إلى ربّك كدحًا فمُلاقيه".
أخبار متعلقة :