حجزت مدينة حتا التابعة لإمارة دبي لنفسها مكاناً بارزاً بقائمة الوجهات السياحية والتاريخية المميّزة في دولة الإمارات، والمحببة لدى السياح والزوّار، نظراً إلى طبيعتها الساحرة بين أحضان جبال الحجر، وما تتميّز به من تناغم بديع بين البيئة الفطرية الطبيعية، حيث اشتهرت المدينة بالقلاع التاريخية والمزارع والأفلاج، وبين أصالة التراث نظراً إلى ما تضمه من شواهد تاريخية ضاربة في عمق التاريخ، إذ يُرجع بعض المؤرخين تاريخ هذا الجزء من الوطن إلى أكثر من 3000 عام مضت، ونظراً إلى موقعها الجبلي تتنوع مقومات الجذب السياحي فيها، لتقدم تجارب استثنائية لهواة الرياضة، وعُشاق المغامرات، والباحثين عن الراحة والاسترخاء في أحضان الطبيعة بعيداً عن صخب ومسؤوليات الحياة اليومية.
السياحة المستدامة
وتركز حملة «أجمل شتاء في العالم» - بنسختها الخامسة التي انطلقت تحت شعار «السياحة الخضراء»، بالتعاون بين وزارة الاقتصاد والمركز الزراعي الوطني، والهيئات السياحية المحلية في الدولة - على زيارة المواقع الطبيعية في الدولة، بهدف تحفيز الزيارات السياحية المستدامة، وذلك في إطار استراتيجية السياحة الداخلية في دولة الإمارات التي أطلقها صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، والهادفة إلى تطوير منظومة سياحية تكاملية على مستوى الدولة، حيث تقدم الحملة لكل زائر وسائح، من خلال إضاءتها على هذه الأماكن السياحية الخضراء، فرصاً ترفيهية ومعرفية غير محدودة للاستمتاع بتجارب وزيارات فريدة للمتنزهات الطبيعية ومناطق الجذب البيئي للتعرف إلى التنوع الطبيعي لدولة الإمارات وجمال مختلف مناطقها.
وجهات بحرية
تُعدّ الوجهات البحرية في حتا من بحيرات وسدود وشلالات من أهم الوجهات التي يلجأ إليها زوّار المنطقة، لما تضيفه من جمال طبيعي أخاذ بين الجبال الشاهقة.
ويشكل سد حتا إحدى أبرز الوجهات السياحية في حتا لما يتسم به من هدوء الطبيعة الجبلية الذي تزينه أشجار النخيل والزهور البرية، في حين تُعدّ بحيرة سد حتا من أكبر المسطحات المائية في المنطقة، ويقصد الزوّار «حتا كاياك» من أجل تجربة قوارب التجديف في بحيرة حتا المملوءة بأنواع الأسماك الملونة.
إلى ذلك، تتميّز «بحيرة ليم» بموقعها الجميل بين سلسلة من الجبال المحاطة بالمزارع الخلابة في منطقة حتا، تم تطويرها لتصبح أحد المعالم السياحية لأهالي وزوّار منطقة حتا، وتقع في وادي ليم ويبلغ طولها 395 متراً، ومتوسط عرض مجرى المياه يصل إلى 50 متراً، فيما يصل متوسط عمق المياه إلى متر واحد.
أما شلالات حتّا المستدامة، التي دشّنها صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، خلال شهر ديسمبر 2024، فهي وجهة سياحية مميّزة، إذ يتميّز المشروع بشلال مياه ينحدر من السد العلوي لمحطة حتّا الكهرومائية، حيث تم الاستفادة من منحدر السد في إبداع جدارية الفسيفساء التي تحمل صورة المغفور لهما الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان والشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، طيّب الله ثراهما، وتُعدّ الأكبر عالمياً، إذ تتكون من أكثر من 1.2 مليون قطعة من الرخام الطبيعي.
ويتكوّن المشروع من شلال مائي ينحدر من الجدارية الفنية المبتكرة لسد حتّا، التي صنفت وفق «غينيس للأرقام القياسية العالمية» كأكبر لوحة موزاييك في العالم بإجمالي مساحة 2199 متراً مربعاً، فيما ينحدر الشلال ليكوّن قناة مائية ينتشر على ضفتيها العديد من متاجر التجزئة والمطاعم والكافيهات.
معالم تاريخية
تحتضن مدينة حتا أيضاً الكثير من المعالم التاريخية العريقة، حيث تُعدّ «قرية حتّا التراثية» التي تم افتتاحها في عام 2001 من أبرز الأماكن التاريخية في دبي ودولة الإمارات على وجه العموم، إذ تستعرض نموذج الحياة القروية قديماً، لتقدم للزائر صورة تحاكي الواقع المعاش قديماً من خلال ما تضمه من مجسمات ووثائق ومنحوتات وأعمال يدوية وأكواخ تقليدية ومبانٍ تبيع اللوازم التقليدية، ويعيش الزائر للقرية مختلف مراحل اليوم على الطريقة التقليدية، ويتابع تفاصيل مشوقة لإعداد الطعام وعمل المشغولات اليدوية المختلفة، ويستمتع بمذاق القهوة على الفحم ويتذوق حلاوة الملتقى الاجتماعي التقليدي.
ومن المعالم التاريخية المهمة «حصن حتّا»، الذي تم تشييده في عام 1896 ويُعدّ من أهم المعالم الأثرية في دولة الإمارات، ويشمل فناء داخلياً وبرجاً للمراقبة بارتفاع 11 متراً، واستخدمت في بناء الحصن مواد طبيعية من الصخور الجبلية والطوب اللبن، بينما تم استخدام سعف وجذوع النخيل في السقف الذي يغطيه، وقد أُعيد ترميمه عام 1995.
وتضم حتّا العديد من المعالم التاريخية المهمة، منها مسجد الشريعة، الواقع في منطقة الشريعة التراثية، وجرى تشييده منذ نحو 200 عام، فيما خضع لعمليات ترميم حديثاً في إطار جهود تطوير القدرات السياحية لمنطقة حتّا، كذلك تُعدّ منطقة الشريعة من المناطق التراثية الرئيسة في هذه المنطقة، إذ تضم فلجاً تاريخياً يُسمى فلج الشريعة يستخدم ماؤه في ري مزارع المنطقة.
كنوز خضراء
تقدم مدينة حتا لمحبي السياحة والاطلاع على الكنوز النباتية والحيوانية النادرة «محمية حتا الجبلية» التي توفر ملاذاً آمناً للعديد من هذه الأنواع، فيما تُعدّ المحمية موطناً لأكبر مجموعة من حيوانات «الطهر العربي» المهددة بالانقراض في الإمارات، وتتميّز المحمية بطبيعتها الجبلية الصخرية، وهوائها النقي وبيئتها الفطرية المتنوعة، وتتيح المحمية فرصة مراقبة الحياة البرية، وفرصة التجوّل عبر الوديان المتعرجة في سفوح الجبال بالقرب من الحدود مع عُمان، لاستكشاف التضاريس الفريدة المتنوعة بين مساحات رملية وصخور، أو للتنقل على دراجة جبلية في مسارات متعرجة بين التلال والوديان والمزارع المزودة بإرشادات واضحة للدرّاجين المبتدئين والمتمرسين.
أما بالنسبة لمحبّي الطبيعة والرياضة والتنزّه فيجدون في «حديقة التلة» بغيتهم الوافرة، حيث تُعدّ هذه الحديقة رئة خضراء لدبي ومنطقة حتّا تحديداً، وتتجاوز مساحتها 63 ألف متر مربع، واكتسبت اسمها من موقعها المتميّز المتربع أعلى تلّة حتّا، وهي من الحدائق ذات الطابع الخاص لما تتميّز به من تضاريس وارتفاع وتنوّع بيئتها، وتمثّل إضافة مهمة للرقعة الخضراء ومناطق الترفيه في إمارة دبي.
كذلك تشكّل مسارات المشي الجبلية التي تم إعدادها وتمهيدها لمحبي هذه الرياضة عنصر جذب للزوّار عشاق هذه الرياضة، وتمنح الزائر فرصة الاستمتاع عن قرب بالطبيعة الجبلية الرائعة التي تتميّز بها حتّا.
فيما تُعدّ «حديقة النحل» من الوجهات المهمة في منطقة حتّا التي اشتهرت بإنتاج أجود أنواع عسل النحل، وهي أول حديقة من نوعها في منطقة الشرق الأوسط، وتضم الحديقة آلاف خلايا النحل الممتدة على مساحة الحديقة التي تناهز 16 ألف متر مربع، وتقع وسط الجبال والمزارع.
إلى ذلك، عملت منتجعات حتا ووادي هب على ترسيخ مكانتها المميّزة ضمن النسيج السياحي الحيوي للإمارة، بفضل التزامها الراسخ بالإسهام في تعزيز مكانة حتا وجهةً سياحيةً بيئيةً مستدامةً ومتعددة الخيارات.
جولات ملهمة
تتضمن «منتجعات حتا» و«حتا وادي هب» جولات ملهمة مملوءة بالتحدي، من خلال مسارات المشي الجبلية والدرّاجات الهوائية، الممتدة بطول إجمالي يصل إلى 32.6 كم، وتتوزع على خمسة طرق مختلفة، كي تتناسب مع مستوى وخبرة المُتنزِّه، سواء للسائرين على الأقدام أو لراكبي الدرّاجات من المبتدئين، بجانب محترفي المشي والجري على الطرقات الوعرة، في حين يمكن للزوّار استكشاف المساحات الجبلية والطبيعة الساحرة، إما باستخدام درّاجاتهم أو باستئجار دراجة هوائية من «هوبرز» متجر الدرّاجات الجبلية في «حتا وادي هب».
مشروعات
تضم حتا مجموعة من المشروعات التي تشجع على السياحة، ومنها مشروع تطوير القرية التراثية وفلج حتّا، وتطوير بحيرة وادي ليم، وبحيرة سهيلة، وتنفيذ حلول مرورية للطرق والمواقف في المواقع السياحية والحيوية والحدائق، وتوفير حلول التنقل الجماعي والمشترك ومراكز التنقل، وتنفيذ مسارات للدرّاجات الهوائية والجبلية، ومسارات ترفيهية للمشاة (Hiking)، وتنفيذ أعمال الزراعة والتجميل في المنطقة، ودراسة تصميم شاطئ حتّا، والترام الجبلي بمنطقة سد حتّا.
. بحيرة حتا من أكبر المسطحات المائية في المنطقة، وبحيرة ليم لوحة ساحرة بين الجبال والمزارع.
. الشلال المائي المنحدر من الجدارية الفنية لسد حتّا، أكبر لوحة موزاييك في العالم وفق «غينيس».
. 32.6 كيلومتراً من مسارات المشي الجبلية والدرّاجات الهوائية تتوزع على 5 طرق مختلفة.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news
0 تعليق