نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
محاذير المواجهة ضد قسد - أطلس سبورت, اليوم الثلاثاء 21 يناير 2025 11:14 مساءً
في المشهد السوري المتشابك والمعقد، تقف الإدارة الجديدة بقيادة هيئة تحرير الشام أحمد الشرع أمام امتحان حاسم سيحدد ملامح المستقبل. التحدي الأكبر هو إدارة الأزمة التي تشكلها قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، التي تمثل إحدى أكثر القضايا حساسية وتشابكاً في الساحة السورية. هذا الملف لا يُختبر فقط بالحنكة السياسية، بل أيضاً بالقدرة على تحقيق التوازن بين المصالح الوطنية والتعقيدات الإقليمية والدولية. السؤال الجوهري الذي يطرحه الداخل والخارج على حد سواء هو: هل تستطيع الإدارة الجديدة أن تثبت للعالم أنها تتمتع برؤية وطنية تتجاوز الحسابات الضيقة؟ النجاح هنا يعني كسب الشرعية وإقناع القوى الدولية بأنها قادرة على استيعاب تعقيدات الوضع السوري، والعمل بمرونة لتحقيق مصلحة البلاد. لكن، في خضم هذا التحدي، تبرز معضلة العلاقة مع الولايات المتحدة، الداعم الأكبر لقسد. واشنطن، التي كانت اليد الحامية لهذه القوات، تمتلك أوراقاً مؤثرة قد تعيق أو تدفع بحلول مبتكرة. كيف يمكن لأحمد الشرع أن يدير هذا الملف الشائك؟ الإجابة تكمن في مزيج من الدبلوماسية الفاعلة والقدرة على خلق وقائع جديدة على الأرض. تمتلك الإدارة الجديدة عناصر قوة قد تمنحها الأفضلية في مواجهة قسد. أولاً، منطقة شرق الفرات ليست كياناً يمكن لقوة قومية ضيقة السيطرة عليه بسهولة، إذ إن حضور قسد في المنطقة كان على الدوام مرتبطاً بالدعم الأمريكي أكثر من ارتباطه بقاعدة شعبية حقيقية. ثانيًا، انعدام الحاضنة الشعبية الواسعة لقسد يشكّل نقطة ضعف خطيرة، حيث تتباين توجهات مكونات المنطقة، ما بين أكراد معارضين للإدارة الذاتية وعرب وسريان وأشوريين يشعرون بالغربة عن أجندة قسد الأيديولوجية. ثالثاً، الصراعات السابقة بين قسد والعشائر العربية تعكس هشاشة التحالفات التي كانت تعتمد عليها. هذه العشائر التي ثارت ضد قسد قبل فترة وجيزة قد تكون مفتاحاً للمعادلة إذا ما تم استقطابها بحنكة. وأخيراً، الدعم الإقليمي والدولي الذي تحظى به الإدارة الجديدة، وخصوصاً من تركيا، يعطي زخماً قوياً للتغيير في المنطقة. مع ذلك، لا يمكن التقليل من قدرات قسد. فالقوة العسكرية الكبيرة التي تمتلكها تجعلها خصماً عنيداً لأي قوة تحاول مواجهتها. إضافة إلى ذلك، التحالف مع الولايات المتحدة يمنحها غطاءً سياسياً وعسكرياً يجعلها لاعباً صعب الإزاحة. علاوة على ذلك، تشير تقارير إلى سعي قسد لتوسيع علاقاتها مع أطراف مثل إسرائيل، ما يضيف بُعداً جديداً إلى الصراع. القضية هنا ليست مجرد نزاع على الأرض، بل اختبار لقيادة أحمد الشرع وقدرته على تقديم حلول سياسية وتفاوضية مبتكرة. فهذه الأزمة ستشكّل نقطة مفصلية في تاريخ سوريا الحديث، وقد تحدد مستقبل البلاد لعقود قادمة. يبقى الدور الأمريكي محورياً في هذا السياق. ومع إشارات متباينة حول موقف واشنطن، تتزايد أهمية الجهود الدبلوماسية للإدارة الجديدة لاستقطاب الدعم الدولي وتحقيق الاستقرار. في النهاية، النجاح في هذه المواجهة يعني أكثر من مجرد الانتصار على قسد؛ إنه يعني ترسيخ رؤية جديدة لسوريا، رؤية تستوعب الجميع وتعيد بناء الثقة في الدولة ومؤسساتها، لتصبح الإدارة الجديدة نموذجاً وطنياً يليق بآمال السوريين وتطلعاتهم.
0 تعليق