نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
محمد مغربي يكتب: من «ترامب» إلى «دافوس».. استعدوا لعالم الذكاء الاصطناعي - أطلس سبورت, اليوم الثلاثاء 4 فبراير 2025 09:25 صباحاً
في فنون البروتوكول الرئاسي كل شيء مقصود، وكل مساحة تعني شيئا ما ورسالة ما وتداعيات بقدر حجم الحدث، وخلال الأيام الماضية لم يكن هناك حدث أهم من تنصيب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية لمدة 4 سنوات مقبلة، ولأن الرجل صريح كان الحاضرون للحفل يعبرون عن سياسته وما ينتوي فعله في سنين ولايته، ولذلك أيضا فإنّ وقوف إيلون ماسك ومارك زوكربيرج وجيف بيزوس بجوار بعضهم البعض لم يكن من قبيل الصدفة أو الفراغ، فالثلاثة تتخطى ثروتهم التريليون دولار، والثلاثة أكبر رواد التكنولوجيا العالمية وأكبر المستثمرين في الذكاء الاصطناعي، ورغم اصطدام «ترامب» ببعضهم أثناء ولايته الأولى، لكن وجودهم كان يعني رسالة حاسمة وهي أنّ القادم سيكون تكنولوجيا في المقام الأول، وسيتربع الذكاء الاصطناعي على عرش الاستثمارات، والدليل أن الرئيس الأمريكي يبدأ ولايته برواد هذا القطاع.
بالتزامن مع ذلك ومن الأراضي السويسرية، حيث مؤتمر دافوس الاقتصادي الذي عُقد أيضا خلال الأيام الماضية، نشر المؤتمر ورقة بحثية تفيد بأنّ الذكاء الاصطناعي باتت لديه القدرة على إعادة تشكيل الاقتصادات والمجتمعات، وبمعنى أبسط من لغة التقرير، فإنّه خلال القرن العشرين على الأقل مرت اقتصاديات العالم بعدة مراحل، فكانت هناك مرحلة اقتصاديات النفط التي باتت علامة على ثراء أو فقر أي دولة، وهناك اقتصاديات الصناعة المتمثلة في أوروبا، خاصة ألمانيا، بجانب الصين وأمريكا، ومع نهاية القرن كانت اقتصاديات الاتصالات هي السائدة فى ظل ثورة التكنولوجيا التي بدأت من أمريكا وتبعتها عدة دول في هذا الشأن.
معنى تقرير «دافوس» أنّ المعيار الحقيقي لاقتصاديات الدول لن يكون من خلال كم تنتج وكم هو الفائض لديها فقط، ولكن سيكون مدى استثماراتها في الذكاء الاصطناعي، ومدى قوة بنيتها التحتية التي تتحمل ذلك، وهل تتوافر لديها طاقة جيدة لاستيعاب الأجهزة الحديثة وهلم جرا، وسيكون أمام دول العالم مساران لا ثالث لهما، إما أن تدخل هذا المسار أو تخرج من النظام الاقتصادي العالمي الجديد.
لذلك أيضا أوضح تقرير «دافوس» أنّ العالم الجديد لن يترك الدول الفقيرة أو الضعيفة في هذا القطاع، لذلك أطلق تحالف حوكمة الذكاء الاصطناعى شبكات تنشيط الذكاء الاصطناعي الإقليمية ومهمتها تقديم حلول مخصصة للتحديات المحلية وتعزيز الابتكار وسلاسل القيمة المستدامة وحوكمة البيانات المحسنة في الشرق الأوسط وإفريقيا وجنوب شرق آسيا.
وبمعنى آخر، فإن تلك الآليات مع مبادرات أخرى ستدعم جميع الدول بداية من البنية التحتية القوية التي تجعلها مؤهلة لاستثمارات الذكاء الاصطناعي، وذلك من أجل خلق تنافسية عالمية، مرورا بدعم الحكومات من أجل الاستفادة من التكنولوجيا في النمو الاقتصادي والتقدم المجتمعي، ووصولا إلى تقوية استراتيجيات الذكاء الاصطناعي.
العنصر الثاني الأهم الذي حدده تقرير «دافوس» العالمي هو ضرورة أن يتم كل ذلك وفق سياسات محافظة للبيئة ومن خلال بنية تشريعية قابلة للتطوير، وهذا ما يتطلب استثمارات كبيرة وتكثيفا بين القطاعات المحلية والإقليمية والعالمية، مؤكدا أن البيانات حين تكون متاحة ومتنوعة وشاملة وعالية الجودة ستنعكس بالإيجاب على الدولة أولا ثم على محيطها ونموها الاقتصادي العالمي.
هكذا رُسمت الخريطة الاقتصادية الجديدة والتي تقول بوضوح إنّ يد المساعدة ستمتد للجميع لكن السباق قد بدأ، فإما أن يركض الجميع سريعا أو سيخرج خارج السياق والاقتصاد الجديد الذي سيصبح رقم التريليون دولار فيه رقما عاديا مقارنة برجال الأعمال وميزانيات الدول، وكما أشرنا في مقال سابق أن الذكاء الاصطناعي تحت قيادة «ترامب» وإيلون ماسك سيكون على موعد مع طفرة جديدة، فها هو ما قلنا يتحقق لكن بأسرع مما توقعنا وبخريطة عالمية لم تقتصر على الولايات المتحدة الأمريكية فقط.
0 تعليق