نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
سير ذاتية لنساء مجنونات - أطلس سبورت, اليوم الثلاثاء 28 يناير 2025 11:28 مساءً
نستطيع أن نقول إن رواية (حجرة) عمل روائي يعرض تطور الاضطراب العقلي من منظوره الطبي والنفسي من خلال أفكار الشخص الذي يعاني منه. سرد البطلة المجنونة ممض ومقلق حقاً.
حسب ظني لقد تخلص الناس قديماً قبل انتشار المستشفيات النفسية من مجنونات العائلة بالقتل، أو دفعهن للانتحار. بينما جعلوا الرجل المجنون يعيش في الشارع يتسلى مع أوهامه.
فوكو الفيلسوف الشهير له كتاب يعتبر مرجعاً غير مسبوق في التاريخ الكلاسيكي للجنون. والذي وصف فيه أبشع العلاجات الموصى بها للمجانين من النساء والرجال كذلك، حسب ما أتذكر كان أحدها إحداث ثقب في جمجمة المجنونة ومن ثم تعبئته بروث الحمام.
رواية حجرة ذكرتني بقصة أخرى تدور حبكتها حول امرأة مجنونة كذلك، كتبتها شارلوت جيلمان وهي رواية «ورق الجدران الأصفر» (1892).
تحكي فيها عن تجربة العلاج القسري للنساء من الجنون في القرن التاسع عشر، وهو علاج ابتكره الطبيب سيلاس ميتشل يسمى «علاج الراحة» الذي ابتكره تحديداً للنساء العصبيات، يتألف من الراحة القسرية في الفراش والعزلة والإفراط في التغذية. وكان هذا «العلاج» القمعي يشمل العلاج بالكهرباء والتدليك، بالإضافة إلى اتباع نظام غذائي غني باللحوم وأسابيع أو أشهر من الراحة في الفراش. ويرى المؤرخون الآن أن «علاج الراحة» الذي ابتكره ميتشل يمثل مثالاً صارخاً على كراهية النساء في مجال الطب.
وفي حين قد يعاني الرجال والنساء من نفس أعراض المرض العقلي، فإن العلاجات المختلفة التي يتلقونها تعكس الصور النمطية الثقافية في ذلك الوقت. وقد ضمن علاج الراحة بقاء النساء في المنزل، أي حبسهن في (الحجرة). كان ميتشل وزملاؤه من الأطباء يمنعون المريضات من الكتابة أو الدراسة المفرطة أو محاولة ممارسة المهن. وقد نصح شارلوت جيلمان مؤلفة (ورق الجدران الأصفر)، أثناء نوبة اكتئاب ما بعد الولادة، بأن «تعيش حياة منزلية قدر الإمكان» ولا تلمس القلم أو الفرشاة مرة أخرى.
هذا العلاج الغريب الذي ربما عانت منه الأدبية ميّ زيادة في مستشفى العصفورية وتناوله المؤلفون في رواياتهم وشهاداتهم عن ميّ العاقلة وهم يصفون معاناتها ويرفضون إمكانية مرضها، إلا أديب واحد هو مصدر ثقة كبيرة لدى (العقاد) الذي شهد غير مرة أن ميّ بعد وفاة والدها ووالدتها وجبران ومع تقدمها في السن أصبحت تشاهد أشخاصاً غير مرئيين. بالنسبة لي إنكار مرض ميّ العقلي نوع من أنواع القتل المعنوي لشخصيتها وعدم قبول لما يمكن وصفه بكل تسامح مرضاً. والذي قد يكون تسميته وتشخيصه وعلاجه في عصرنا الحالي أمراً بسيطاً. لكنهم حبسوها في (الحجرة).
0 تعليق