القاهرة (خاص عن مصر)- بينالي جدة للفنون الإسلامية، الذي يقام الآن في دورته الثانية، ليس مجرد معرض فني فحسب، بل إنه بيان جريء للتطور الثقافي للمملكة العربية السعودية.
وفقا لتقرير بلومبرج، يُقام البينالي في محطة الحج الغربية بمطار الملك عبد العزيز، ويعرض أكثر من 500 قطعة من الفن الإسلامي، تمزج بين التحف القديمة والأعمال المعاصرة.
وفي قلبه الكسوة، الستارة المقدسة التي كانت تزين الكعبة في مكة، والتي عُرضت للجمهور لأول مرة بالكامل. يعكس هذا الحدث الرائد طموح المملكة العربية السعودية في وضع نفسها كمركز ثقافي عالمي مع تكريم تراثها الإسلامي.
- بينالي جدة للفنون الإسلامية – بلومبرج
رمز مقدس يحتل مركز الصدارة
القطعة المركزية في البينالي هي الكسوة، وهي ستارة من الحرير الأسود مطرزة بآيات قرآنية ذهبية، والتي تغطي الكعبة تقليديًا. كل عام، تُلبس كسوة جديدة فوق الكعبة أثناء الحج، بينما تُخزن الكسوة القديمة أو تُهدى. إن عرض الكسوة كاملة كعمل فني هو سابقة تاريخية، صُممت لإلهام الرهبة والتواضع بين الزوار.
أكدت فريدة الحسيني، مديرة البينالي، على أهمية هذا العرض، مشيرة إلى قدرته على ربط المشاهدين بالإرث الروحي والثقافي العميق للإسلام. ويؤكد إدراج الكسوة على مهمة المعرض في سد الفجوة بين التقليد والحداثة، وتقديم تجربة فريدة للحجاج والسياح على حد سواء.
- بينالي جدة للفنون الإسلامية – بلومبرج
عرض فخم للفن الإسلامي
يضم البينالي مجموعة واسعة من التحف والأعمال المعاصرة، بما في ذلك نسخة قرآن عملاق، وآثار قديمة معارة من الفاتيكان، ومنشآت حديثة مصنوعة من براميل النفط والعصي والألواح. يقع المعرض في محطة الحج الغربية، وهو موقع غير تقليدي ولكنه مناسب يرحب بملايين الحجاج المسافرين إلى مكة للحج والعمرة.
مع أكثر من 600 ألف زائر خلال نسخته الأولى في عام 2023، أصبح البينالي معلمًا ثقافيًا. ومن المتوقع أن يجذب حدث هذا العام، الذي يستمر حتى 25 مايو، حشودًا أكبر، بما في ذلك السياح الذين يستكشفون الوجهات الناشئة في المملكة العربية السعودية مثل العلا وساحل البحر الأحمر.
اقرأ أيضًا: اجتماع نتنياهو مع ترامب في واشنطن.. المنظور السياسي والمكاسب الرمزية
النهضة الثقافية في المملكة العربية السعودية
يعد البينالي شهادة على التحول الثقافي السريع في المملكة العربية السعودية تحت قيادة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان. كانت المملكة معروفة ذات يوم بصورتها المحافظة، وهي الآن تتبنى الفن والثقافة كجزء من مبادرة رؤية 2030 لتنويع اقتصادها وسمعتها العالمية.
وقد سلط أمين جعفر، أحد المديرين الفنيين للبينالي، الضوء على أهمية هذا التحول: “المملكة العربية السعودية، وهي دولة لم تكن معروفة قبل 10 أو 15 عامًا بمشهدها الثقافي، أصبحت اليوم قادرة على إطلاق وتنظيم مشاريع ثقافية كبرى واسعة النطاق لا مثيل لها من حيث الجودة”.
كما يعمل المعرض كمنصة لتحدي الصور النمطية حول المجتمع السعودي. وتأمل علا الحداد، وهي مواطنة من جدة تبلغ من العمر 28 عامًا تدرس علوم الكمبيوتر، أن يُظهر البينالي للزوار “كيف نفكر في العصر الجديد للسعودية”.
حوار بين الماضي والحاضر
إن تقابل الفن القديم والمعاصر في البينالي يخلق حوارًا ديناميكيًا حول الحضارة الإسلامية. ووصف الفنان السعودي مهند شونو، أمين الفن المعاصر، المعرض بأنه مساحة حيث تتفاعل أشياء من العصور الإسلامية القديمة مع الأفكار الحديثة.
أشاد زوار مثل زينب أنور، وهي فنانة تبلغ من العمر 25 عامًا من باكستان، بالحدث لنهجه المبتكر. “إن هذا مزيج من الفن الذي لم يسبق له مثيل وطريقة لاستخدام جذورهم كميزة للترويج للسياحة”، كما قالت.
تجربة روحية وفنية
بالنسبة للعديد من الناس، تقدم البينالي تجربة روحية عميقة. وتثير الكسوة على وجه الخصوص شعوراً بالاحترام، حتى بين الزوار غير المسلمين. ويعكس الصمت التأملي تحت المظلة حيث تتدلى الستائر المشاعر العميقة التي يشعر بها الحجاج عند الكعبة.
مع استمرار المملكة العربية السعودية في تحولها الثقافي، يقف بينالي الفنون الإسلامية كرمز للثقة والطموح الجديدين للمملكة. ومن خلال جلب الفن إلى الناس – وخاصة المؤمنين – لا يحتفل الحدث بالتراث الإسلامي فحسب، بل يضع المملكة العربية السعودية أيضًا كوجهة ثقافية رائدة في العالم الإسلامي.
نسخ الرابط تم نسخ الرابط
أخبار متعلقة :